الثورة الكوبرنيكية في مجال علم الفلك والفيزياء
إن نشوء العلم الحديث في أوربا الغربية لم يكن عن تخطيط مسبق أو عن برنامج محدد الخطوات والأهداف، بل جاء كتناول للسؤال الكسمولوجي القديم الذي يضع علامة استفهام حول ما إذا كانت الأرض - كما هو معتقد- ثابتة في مركز الكون، أم أنها تدور حول مركز آخر. وقد بدا واضحا - منذ البداية- أن كلا من الجوابين الفلكيين المحتملين حول هذا السؤال لابد وأن يحمل في طياته، بل وأن يصاحبه، الجواب الفيزيائي عن حركة الأجسام الموجودة فوق سطح الأرض. إذ أن حركة الأجسام فوق أرض ساكنة تفرز فيزياء معينة، لكن حركتها فوق أرض متحركة بدورها تشكل فيزياء أخرى. في سنة 15433 سيتم نشر كتاب "حول دوران الأفلاك السماوية" للعالم البولوني المغمور نيقولاوس كوبرنيكوس (1473- 1543)، والذي سيضع حدا للعمر المديد لنظرة الإنسان إلى الكون، حيث أعلن فيه عن نظرية فلكية جديدة مغايرة لما كان معتقدا في السابق ومفادها أن الشمس هي التي تحتل مركز الكون وأن كل الكواكب بما فيها الأرض تدور حولها. وقد كان ذلك جرأة كبيرة على إزاحة الأرض من عرشها الذي كانت تتربعه بثبات وسكون في مركز الكون منذ ما يقرب من عشرين قرنا، و...